نستعدّ في هذه الأيّام الفضيلة المباركة لاستقبال ضيف ٍ عزيز ٍ عَـلى قلوبنا ، قـد أرسله البارئ هديّة لنا محمّلاً بالخيرات والبركات،ليمنحنا فيه الفرصَ الذهبيّة للتّوبة والاستغفار والرّجوع إلى الله .. إنّه ضيف ٌ ثقيل ٌ على نفوسِ مـَن جذبتهم إغراءات الحياة الدنيا وسحبتهم إليها بترفها وبذخها لينغمسوا في ملذّاتها لدرجة اقتراف الذنوب والموبقات والخطايا . . لم يدركوا قيمة هذا الشّهر الكريم وما يحمله من خيرات ومن حسنات وفرص ٍ ذهبيّة تمنحهم إمكانيّات كثيرة للرجوع إلى طريق الهدى والتوبة ..ولو أدركوها لتمنَّوا أن يظلّ هذا الشّهرُ الفضيل فلا يفارقنا . . إنّه شهرٌ أولـّه رحمة ،، وأوسطه مغفرة ،، وآخره عتق من النار..!!
هو ضيف ٌ عزيزٌ على الآخرين ،، ينتظرونه بشوق كبير ،، فيستقبلونه بلوعة المشتاقين يمجّدونه بالحمد والشّكر والذّكر،، وبصلة الأرحام وقراءة القرآن وبصلوات التّراويح ،، وبتذكّر الفقراء والمساكين والمعدمين الذين تمرّ عليهم أيّامٌ قاسية ٌ يشعرون فيها بالجوع والحرمان ، فلا يجدون ما يسدّ جوعهم ،، وإن غربت شمس نهارهم !! إنّه شهر كريم ٌ مليء بالخيرات . . شهر فيه ليلة القدر ،، هيَ ليلة خير من ألف شهر.. إنّه شهر رمضان شهر العتق من النيران ..توصد فيه أبواب الشياطين بأغلال مـُحكمة الإغلاق !!!.
يستعدّ كلّ فرد ٍ منّا ويتهيّأ لاستقبال ضيوفه بأجمل وأبهى استقبال ... فماذا أعددنا لهذا الضّيف الكريم ؟؟!!.. هل غسلنا له قلوبنا وجوارحنا وطهّرناها من الحقد والحسد والكراهية والضّغينة ؟؟ .. وهل أبدلناها خيرًا و حبًّا ومحبّة ً وتسامحًا وتصالحًا وتصافحًا جميلاً ؟؟!! هل ملأنا جوارحنا مودّة ً ورحمة ً لمن قسونا عليهم ذات مرّة ؟؟!!.. هل هيّأنا له قلوبًا مفعمة ً بالتقوى والإيمان والتسامح والغفران ؟؟ ،، هل ندرك موقنين ما يحمله لنا هذا الضّيف من هبات قيّمة لو استغلّلناها خير استغلال لعتقنا أنفسنا من النّيران ؟؟،، إنّه شهر ٌ ، أيّامه ليست كباقي الأيّام ،، ولياليه ليست كسائر الليالي ،، إنّه شهر جمع كلّ الخير في حناياه وفي كلّ ساعة من ساعاته ،، أفلا نستقبله استقبالاً جميلاً يليق بعظـَمة حضوره ؟!!
أخوتي في الله ،، استعدّوا لاستقبال رمضان واستغلوا كلّ ساعة من ساعاته ،، في التّقرّب إلى الله بالعبادة والشّكر والطاعة والدّعاء ،، وصوموا عن كلّ الذنوب والمعاصي،، وطهّروا ألسنتكم من الهمز واللمز والاغتياب .. ولتكن نواياكم وقلوبكم صافية طاهرة نقيّة من كلّ الآثام !!!.. ولنجعل قدومه فرصة ثمينة قد لا تتكرّر ،، لعودتنا إلى الله ولولادتنا من جديد ،، فلا ندع مجالاً لإهدار أوقاتنا الثّمينة في هذا الشّهر بمتابعة المسلسلات المخلّة بالآداب والمُهدرة للأوقات ،، ولنتب إلى الله،، فالله يحبّ التّوابين الأوابين ، الذين لا يدعون صراطًـًا مستقيمـًا إلاّ وسلكوه ...لا تنسوا قراءة القرآن وتدبّر حروفه والعمل بها ،، جميل ٌ أن نتسابق على أن نختتم قراءة القرآن ، لكنّ الأجمل والأجدى أن نشعر بكلّ حرف نقرأه بحيث يزيدنا تقوى وإيمانًا!!
الدعاء : الدعاء ما أجمله في رمضان ، ادعوا الله بكلّ جارحة من جوارحكم ،،وبكلّ خليّة من خلاياكم ،، وتذلّلوا إلى الله ولا تيأسوا من رحمته ....قال تعالى:{{ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ }}..(يوسف : 87 )... وقال تعالى:{ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ }..(الحجر:5}...
لا تهدروا لياليه بالسّهر والسّمر وتضييع الوقت عبثًا وهباءً منثورًا ،، بل استغلّوها بالصّلوات والعبادات وقيام لياليه وقراءة ما تيسّر من الذكر الحكيم !!..